شهد التعليم تطورا ينسجم مع التحولات العامة والظروف الاقتصادية والاجتماعية، فتحول بذلك من رسالة إلى مهنة. ولما كانت شروط ممارسة المهنة تتطور باستمرار، بات المدرسون يتكيفون معها ويرفعون تحديات جديدة؛ جعلت ملامح مهنتهم تتغير بالموازاة مع ظروف الممارسة، ووسائل العمل، وتضاؤل الموارد في معظم البلدان.
وبصرف النظر عن مشاكل المهنة، أصبحت وظيفة المدرس على درجة عالية من التعقيد، إذ يتطلب الأمر تحصيل معارف متعددة واكتساب مهارات دقيقة لتيسير مهمة التدريس والنجاح في التواصل مع أولياء المتعلمات والمتعلمين، وكذا مع الزملاء والمحيط.
وقد أصبح المطلوب من المدرس في ظل هذه الظروف، أن يكون قادرا على التعامل مع كل جديد، ومستعدا لقبول التغيير، ومعالجة المشاكل، وتفهم الأوضاع المعيشة المتعددة الأبعاد. فالمفروض في المدرس المحترف القدرة على التعامل مع الأوضاع على تعقيدها، وتحمل مسؤولياته كاملة، والتصرف المتبصر بناء على منطق التحليل المهني.
ويوجه دليل تحليل الممارسات المهنية إلى جميع الفاعلين في قطاع التعليم، المعنيين بالتكوين الأساس والتكوين المستمر لفائدة المدرسين (المكونين، المفتشين، المصاحبين، المدرسين الممارسين، المتدربين…)، كما أنه ضروري في جميع الفضاءات المهنية (المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، المؤسسات التعليمية…)، بحيث يرمي إلى بناء نهج تبصري شامل يسعى إلى تحقيق الأهداف الآتية:
- اكتشاف وتملك نهج للتكوين يرتكز على ملاحظة الممارسات المهنية الفعلية من خلال التحليل التبصري، وتطوير طرق وتقنيات التحليل والقدرة على الفعل التربوي؛
- تكوين المدرسين والمكونين والمفتشين لأجرأة هذا النهج من أجل تطوير كفايات مدرس مهني متبصر؛
- توفير أدوات إجرائية وبطاقات توصيف الأنشطة؛
- إرساء تجربة التناوب المدمج باعتماد هذا النهج.
ولما كان من المستعصي على المدرس الإحاطة بكل شيء، بات من اللازم تكوينه في مجال تحليل الممارسات المهنية، أي تمكينه من التبصر، وجعله قادرا على تطوير قدرته على التحليل.
ويعتبر تحليل الممارسات المهنية طريقة للبناء المهني خلال التكوين بالتناوب المدمج، الذي يجمع بين الجوانب التطبيقية والتأطير النظري، مع ممارسة تبصرية تجعل المدرسين ينخرطون فعليا في تطورهم المهني.
تحميل دليل تحليل الممارسات المهنية: